recent
أخبار ساخنة

## مهرجان كان: إضاءات على سينما المؤلف في الأقسام الموازية

الصفحة الرئيسية
الحجم
محتويات المقال

 

## مهرجان كان: إضاءات على سينما المؤلف في الأقسام الموازية

 

يشهد مهرجان كان السينمائي، في دورته الممتدة من الثالث عشر إلى الرابع والعشرين من مايو، حراكاً فنياً يتجاوز بريق المسابقة الرسمية وأفلامها الاثنين والعشرين المتنافسة على السعفة الذهبية. فبينما تتجه الأنظار بشكل طبيعي نحو الحدث الرئيسي، يجد النقاد والمهتمون بالشأن السينمائي ضالتهم في الأقسام الجانبية، التي لطالما فاجأتنا بأعمال مغايرة، تحمل بصمات مخرجين جريئين ورؤى فنية فريدة.

يشهد مهرجان كان السينمائي، في دورته الممتدة من الثالث عشر إلى الرابع والعشرين من مايو، حراكاً فنياً يتجاوز بريق المسابقة الرسمية وأفلامها الاثنين والعشرين المتنافسة على السعفة الذهبية. فبينما تتجه الأنظار بشكل طبيعي نحو الحدث الرئيسي، يجد النقاد والمهتمون بالشأن السينمائي ضالتهم في الأقسام الجانبية، التي لطالما فاجأتنا بأعمال مغايرة، تحمل بصمات مخرجين جريئين ورؤى فنية فريدة.
## مهرجان كان: إضاءات على سينما المؤلف في الأقسام الموازية


## مهرجان كان: إضاءات على سينما المؤلف في الأقسام الموازية


 

**"نظرة ما" تونس تفتتح بنافذة على الهامش الأفريقي**

 

في قسم "نظرة ما"، كان الافتتاح تونسياً بفيلم "سماء بلا أرض" للمخرجة أريج السحيري.

 يغوص الفيلم في حيوات ثلاث نساء من أفريقيا جنوب الصحراء، تقودهن الأقدار للعيش في تونس وسط ظروف بالغة القسوة. ماري، القادمة من ساحل العاج، وناني، الأم الشابة التي تحمل أعباء ماضٍ صعب، وجولي، الطالبة المفعمة بالأمل والطموح لرسم مستقبل أفضل لعائلتها. تنضم إليهن الطفلة كنزة، الناجية من مأساة غرق، لتتشكل بينهن نواة إنسانية مصغرة، تجد في الهشاشة المشتركة سنداً، وفي الغربة القاسية دفئاً مؤقتاً.

  • تواصل السحيري عبر هذا العمل مشروعها السينمائي المكرس لرد الاعتبار للفئات المهمشة، مسلطة
  •  الضوء هذه المرة على الوجود الأفريقي داخل النسيج التونسي. استمد الفيلم جذوره من لقاءات عميقة
  •  أجرتها المخرجة مع طلبة أفارقة قدموا إلى تونس للدراسة، قبل أن يصبح حلم الهجرة إلى أوروبا
  •  هوساً متضخماً. رصدت السحيري بعين فاحصة تفاصيل عالمهم الخاص: كنائس تقام في شقق سكنية
  •  متواضعة، مقاهٍ تصبح ملتقى لجالياتهم، وحياة موازية تكاد تكون منفصلة عن تونس الرسمية، كأنها
  •  جزيرة داخل جزيرة.

ورغم نبل الرؤية وفرادة الزاوية التي اختارتها المخرجة، بدا الفيلم، وفقاً لبعض الانطباعات الأولية، غير قادر على ترجمة أفكاره الطموحة إلى لغة سينمائية مؤثرة بالقدر الكافي. فقد جنحت بعض المشاهد نحو التوصيف المباشر والثرثرة التي أثقلت الإيقاع، مع حضور باهت لبعض الشخصيات، مما يطرح مجدداً المقولة النقدية بأن النوايا الحسنة وحدها لا تكفي لصنع فن عظيم ومؤثر.

 

**"أسبوعا المخرجين" وصية كانتيه ونداء الثورة الكندي**

 

أما قسم "أسبوعا المخرجين"، الذي تنظمه جمعية السينمائيين في فرنسا ويعود تأسيسه إلى أعقاب ثورة مايو 1968 الثقافية، فقد استهل فعالياته بفيلم "إنزو"، العمل الأخير للمخرج الفرنسي الراحل لوران كانتيه، صاحب التحفة السينمائية "بين الجدران". بعد وفاته، أكمل رفيقه الدائم وشريكه في الكتابة روبان كامبيو المهمة، ليقدم الفيلم وصية سينمائية من مخرج تفهم بعمق عالم الشباب وتقلباته.

  1. يتتبع "إنزو" مسيرة مراهق يحمل نفس الاسم، ينتمي إلى عائلة ميسورة الحال، لكنه يختار العمل في
  2.  مجال البناء، متمرداً على طموحات والده الذي يرى له مستقبلاً أكاديمياً مغايراً. في ورشة البناء
  3.  يلتقي إنزو بفلاد، العامل الأوكراني، وتنشأ بينهما صداقة غير متوقعة تفتح عينيه على منظور مختلف
  4.  للحياة، وتدفعه لمساءلة اختياراته والحدود التي فرضت عليه. يتميز الفيلم بكتابته وتصويره الدقيقين
  5.  مبتعداً عن الإثارة السردية السطحية لصالح الغوص في أعماق الشخصيات وأبعادها النفسية، مؤكداً
  6.  مجدداً أن قيمة السينما لا تكمن فقط في "ما يُروى"، بل بشكل أساسي في "كيف يُروى".

 

وفي ذات القسم، برز فيلم التحريك الكندي "لا وجود للموت" للمخرج فيليكس دوفور لابيريير، مقدماً تجربة بصرية وفكرية تستجوب مفهوم الالتزام الثوري والثمن الباهظ الذي يتطلبه التغيير. من خلال شخصية إيلين، التي تهرب إلى الغابة بعد تخليها عن رفاقها الثوريين خلال هجوم قرروا تنفيذه، يخوض الفيلم رحلة داخلية معقدة

  •  تمزج بين التساؤلات السياسية الملحة والقلق الوجودي العميق. تتعقد رحلتها بظهور مانون، صديقتها
  •  وخصمها في آن، التي تحاصرها بخيار لا مفر منه: إما العودة إلى النضال وتحمل تبعاته، أو ترك
  •  الآخرين يقررون مصيرها ومصير القضية.

 

**"أسبوع النقاد" غريزة الأمومة في مواجهة النظام**

 

القسم الأصغر حجماً، "أسبوع النقاد"، دشّن دورته الجديدة بالفيلم البلجيكي "مصلحة آدم" للمخرجة لورا فاندل. يروي الفيلم قصة آدم، طفل في الرابعة من عمره، يتم إدخاله إلى المستشفى بموجب قرار قضائي بسبب معاناته من سوء تغذية حاد. لوسي، الممرضة المسؤولة عن حالته، تجد نفسها في مأزق أخلاقي عندما تتجاوز البروتوكولات الرسمية وتسمح لوالدة آدم بالبقاء إلى جانبه خارج الأوقات التي حددتها المحكمة. سرعان ما تتصاعد الأحداث حين ترفض الأم مغادرة الغرفة، متشبثة بطفلها بكل ما تبقى لها من قوة وغريزة أمومة.

  1. أمام هذا المشهد الإنساني المؤلم، تجد لوسي نفسها ممزقة بين صرامة القوانين وتعاطفها الإنساني،
  2.  فتقرر التدخل، مدفوعة برغبة عارمة في إنقاذ الطفل ودعم أم تصارع بشراسة من أجل ما تبقى لها
  3.  من أمومتها المهددة. استلهمت المخرجة فيلمها من انجذابها لعالم طب الأطفال وكواليس المستشفيات،
  4.  وبعد محاولات عديدة

 تمكنت من دخول مستشفى "سان بيار" حيث عاينت الواقع اليومي لأقسام الطوارئ والاستشارات والاجتماعات الطبية، كما تابعت جلسات محكمة لحماية الطفولة، وتعاونت مع قاضية متخصصة ساهمت في تطوير السيناريو. هذا الانغماس كشف لها عن التداخل العميق بين الجوانب الطبية والاجتماعية والقضائية، وأظهر أن رعاية الطفل لا يمكن فصلها عن علاقته بوالديه.

 تتجسد هذه الفكرة في شخصية لوسي، الممرضة التي تواجه معضلة يومية بين إنسانيتها وقيود البيروقراطية، وقد اختارت المخرجة أن تحكي القصة من منظورها، لتسليط الضوء على هشاشة النظام الصحي وتحدياته.

 الختام

تؤكد هذه الأعمال المعروضة في الأقسام الموازية على حيوية مهرجان كان وقدرته على احتضان مختلف أطياف الإبداع السينمائي، مقدمة منصة لأصوات جديدة ورؤى فنية تتحدى السائد وتثري المشهد السينمائي العالمي. إنها دعوة مفتوحة للجمهور والنقاد على حد سواء لاستكشاف هذه الكنوز المخفية التي قد لا تحظى بنفس بريق المسابقة الرسمية، لكنها بالتأكيد تحمل بصمات مخرجين واعدين ورؤى فنية تستحق الاكتشاف والتأمل.

## مهرجان كان: إضاءات على سينما المؤلف في الأقسام الموازية


تعديل
author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent